الخميس، 26 فبراير 2009

لبنان الآن



الخميس 26 شباط 2009 12:37 بيروت
RSS Feed
زاوية

بين الشاشة والتشويش
غادا فؤاد السمّان

السبت 21 شباط 2009


احفظ
اطبع
ما لم تأتِ على ذكره وسائل الإعلام اللبنانية عقب كلّ تظاهرة أو ظاهرة محلية أو عربيّة أو حتى عالمية، تستكمله أحاديث العامّة من الناس سواء في الشارع من خلال اللقاءات العابرة / سيارة أجرة، محال تجارية، لقاء الرصيف.../ طبعا لا يفوتنا أنّ مزاجية تلك الوسائل محكومة بالاختلاف وأحيانا بالخلاف حتما وحُكما وبالضرورة عن سواها، إذ تتفرّد بطبيعة نقل الخبر وإذاعته وشيوعه وتكريسه، وذلك حسب درجة اللون وحدّته أو بُهتانه تِبعاً للجهة التي تنتمي إليها تلك الفئة أو غيرها من الفئات، ناهيك عن الزيارات المُتبادلة بين الجوار والمعارف والأصدقاء التي تتمّ من وقت لآخر، والتي خرجت أحاديثها من الإطار الشخصي لتتمحور فقط حول المُستجدات السياسية والأمنية والاقتصادية وكأنّ الجميع صار مخوّلا للحوار الجاد الذي تقوم عليه قائمة عنف أو لطف الحركات السياسية المتزاحمة لتسيّد القرارات وتسييسها وفقا للظرف الراهن ونسبة الترهيب المطلوب فيه.
لدى زيارتي للسيدة "س" والتي تقع شقتها في الطابق الثاني من عمارة قريبة لمحطة "الضنّاوي"، بدا عليها الإرباك والاضطراب وهي تنقل لي "حادثة الشبّان الأربع الذين تمّ دهسهم بشكل متعمّد في المنطقة الذكورة، والتي أسفرت عن فدغ في رأس أحدهم وجرح وكسر الآخرين" ثم تطويق اثنين آخرين بثلاث "موتوسكلات " تعمّدت إخضاعهم وإركاعهم وتكسير ليس كرامتهم وحسب بل ما تيسّر لهم من عظام الجسد، حضرت على إثرها سيارات الدرك والإسعاف ونقلتهم وسط بركة من الدماء بعد تطويق المنطقة وغياب كاميرات التلفزيون.
في منطقة أخرى السيد "ع" من منطقة "زقاق البلاط" كان يحدثني عن تأهّب شباب المنطقة وقبضاياتها بالسلاح الخفيف والمتوسّط بنصب الفخاخ للعابرين ذهابا أو إيابا في تجمّع 14 شباط من الشهر الجاري.في الوقت عينه كانت منطقتا "برج أبي حيدر" و "بربور" تشهدان غليانًا مماثلا، تعددت فيه الروايات المتفرقة التي لا يتسع المقام لذكرها، وجميع هذه الأخبار المنقولة وغير المنقولة يضبطها إيقاع واحد لنغمة وتر مشترك بين "شباب الحزب" و"شباب الحركة"، وهو الدفاع المُستميت عن "مناطقهم" البيروتيّة، في الوقت الذي يتذمّر به أهل بيروت لا سكانها، بالقول: "بيروت هي مدينتنا وضيعتنا، أين نذهب وقد تحولت إلى مناطق حزبية وحزام أمني محدود المعالم والتفرعات لهذه الحركة وذاك الحزب وجماعتهم ومناصريهم!؟".
في غمرة هذه التجاذبات المذهلة لم أكن أصدّق أنّ ما يتناهى إليّ مصادفة، هو أحداث فعلية من صميم الحياة اللبنانية، بل كنت أخال نفسي أسمع حكايات مفتعلة من "أرض المعارك في دارفور، أو الصومال، أو نيكاراغوا، أو حتى الكوريتين.. ".
على خطٍّ إعلاميّ موازِ، قُدّر لي وللمرّة الأولى أن أتابع على شاشة الnbn حوارًا لا يقلّ "تشويشا" عن حوارات العامّة، مع الأمين العام السابق لـ"الأمم المتّحدة" السيد "بطرس بطرس غالي" كانت المذيعة التي تنهال عليه بالأسئلة رشّا برأيي ركيكا لا دراكَ ولا دراية فيه، ناهيك عن الأخطاء النحوية التي تَرِد بالجملة وليس بالمفرق على امتداد التلقين مما اضطّر السيد بطرس غالي أن يستوقفها ويستدركها بلهجة لا تخل من عصبية ونزق واضح على الرغم من وافر الدماثة التي يتمتّع بها الرجل الكبير جدًا، مقامًا، تجربةً وعمرا مديدا، بالقول: "اقرئي ببطء عشان أقدر أفهم"، وكان تباطؤها كناية عن ابتلاع معظم الحروف وعلك المتبقي منها بطريقة لا تمتّ إلى الفصاحة الإعلامية والبلاغة الحوارية بصلة، ناهيك عن إعدام مفردة أساسية في اللغة العربية إسمها "نعم" لحساب همهمة متكررة على امتداد الحوار بإطلاق عنان الصوت "إم إم إم إم إم إم إم " حتى غلبت الـ"إم" على صوت الضيف طوال مدة الحلقة.
أما على الفضائية السورية التي تبثّ من دمشق لكنها لا تتسع لأية ملامح دمشقية، تكتسح أحداث غزّة والملامح الفلسطينية كامل الشاشة الفضائية، بالصور المعروضة، وببعض الدراما، وفواصل الربط الشعرية، الأغاني، الأهازيج وحتى معظم البرامج الحوارية... في استهلاك مفضوح للأحداث الفلسطينية يراد من ورائه التشويش والتعتيم على حقيقة عدم وجود مقاومة للاحتلال الإسرائيلي في الجولان حيث يحرص النظام السوري بكل ما أوتي من سلطة على عدم تعكير صفو الهدنة بينه وبين إسرائيل.
الكلام عن الإعلام، يحتاج إلى متابعة دائمة، ومباشرة في إدلاء الرأي، وليس بالضرورة أن يكون هذا الرأي أو ذاك صائبا أو خائبا، المهم أن تميّز الصالح من الطالح الإعلامي، فثمة أجيال تتربّى على الثقافة الإعلامية والتي تستكملها ثقافة المُشافهة، بالتناقل والتواتر والأصداء، وعلينا أن نساهم في تنقية البثّ الإعلامي، على الأقل وقد عجزنا عن غربلة الواقع العربي من التشويش السياسي والتشويه الأخلاقي المستفحل لدرجة مَرَضية.. بالكاد نجد لها الكلام الناجع والحروف الشافية.



تعليقات ( 4 )

المشتركclaud الثلاثاء 24 شباط 2009
أوافقك الرأي بضرورة تهذيب مهنة الإعلام والإعلاميين،ولكن أليس هناك أشياء أخرى في عالمنا العربي بحاجة لتهذيب إن سياسيا أو طبيا أو معلوماتياأو اقتصاديا، هؤلاء الإعلاميون ينصرفون إن الكتابة بحثا عن لقمة العيش التي تضطرهم اللارتهان لأصحاب رؤوس الأموال، فعذرا عنهم جميعا. هناك أسئلة كثيرة حول الإعلام يجب فعلا الانتباه إليها وماقشتها باستمرار.
المشتركahmad - oslo الثلاثاء 24 شباط 2009
الغادااااالثمينة تحياتي وتقديري رائع وشجاع تحليلك خاصة لغوغائية الفضائية السورية...بصراحة خايف عليك في هذه المعمعة اللبنانية..الله يحرسك ويحميك..والسلام لكِ وعليك
المشتركأم لبنانية الاحد 22 شباط 2009
ان تصرفاتهم هذه تشبه الى حد كبير تصرفات المستوطنين اليهود مع الفلسطنيين للترهيب والترحيل ولا يعلمون اننا شعب جبار ونحب مدينتنا وبلدنا ومتمسكين بوطننا ودولته ونسعى دائماً الى تقويتها وأحترامها لا تقوية الميليشيات الموبوئة المدمرة للسيادة والوطن
المشتركuna persona dalla libia الاحد 22 شباط 2009
ماقلتيه سيدتي عن تذمر أهالي بيروت من أقفال مناطقهم من قبل المليشبات الشيعية الأرهاربية هو بضبط ما تبحث عليه هذه المليشيات من أجل تفريغ المناطق السنية من أهلها و استبدالهم بآخرين هكذا فعلوا في الضاحية و هكذا فعل في الأوزاعي ينغصون على الناس عيشتهم و إذا ما تتذمروا أنهالت عليهم العروض السخية بالشراء بفضل المال الأيراني المغصوب من أهله إن كل ما جرى و يجري لأهل السنة في لبنان من قتل و تهجير و أنتزاع لأملاكهم مرده الى الدعم الكبير الذي تحضى به المليشيات الشيعية من قبل النظام العلوي الذي يحكم سوريا السنية أنها المعادلة المقلوبة الأقلية تضطهد الأكثرية.


اضافة رد جديد
أدخل تعليقك
يحتفظ موقع NOW Lebanon لنفسه بحق الامتناع عن نشر التعليقات التي تحتوي على شتائم أو تعصّب أعمى أو تمييز بين الرجل والمرأة أو عنصريّة أو غيرها من الآراء الخارجة عن حدود اللياقة. إنّ الآراء المنشورة كافّة تعبّر عن رأي المرسل ولا تمثّل آراء موقع NOW Lebanon أو العاملين فيه.


في أي إطار تضع الحملة التي يشنها الرئيس نبيه بري على رئيس الحكومة؟
حاجة ملحة لمجلس الجنوب بغية تلبية احتياجات المواطنين والمناطق الجنوبية.
حملة انتخابية للرئيس بري تحت عناوين حاجات الجنوبيين الإنسانية والإنمائية.
هجمة سياسية مستمرة من قبل قوى 8 آذار تستهدف شخص الرئيس السنيورة.

- RSS FEED

ليست هناك تعليقات: