الخميس، 26 فبراير 2009

الزمان الدولية



2009/02/25

زمان ثقافي صناعة الإعلامي وفبركة النجوميّة


غادا فؤاد السّمان


لم يعد تصنيع النجومية حكرا علي الفنّ وأهله، ولم تعد الكفاءة العالية مقياسَ الاعلامي الناجح، بل ثمّة أدوات مختلفة وأساليب متعدّدة، صار بوسعها أن تجعل من الاعلامي، مادّة دسمة للاستثمار، شأنه بذلك شأن كافّة المشاريع القائمة في ميدان التجارة المُباحة، أو حتي المحظورة منها، وهنا يأتي دور الاعلان كرديف ضامن للتأثير المُباشر، والطرق الاعلانية وأوجهها المُتمثلة بأدوات أكثر وفرة وانتشارا وتعميما وأهمها الرسائل الاعلانية التي نتلقاها عنوة علي الهواتف النقالة، وأيضا علي البريد الالكتروني الذي أصبح جزءا لا يتجزّأ من مُتابعاتنا الي وميّة، ناهيك عن شاشات البثّ التلفزيوني الذي لا يهدأ علي مدار الساعة، وجميعها تملك لهجتها السلطوية بنبرة آمرة ناهية تخاطب الطفل الكامن في أعماقنا مرارا وتكرارا حتي تنطلي علينا بكامل الوعي والادراك واللهفة واللاشعور، مثل / ترقّبوا... تابعوا... كونوا علي الموعد... ايدك والريموت كونترول..... مش حتقدر تغمّض عينيك.... خليكن معنا.... لا تروح بعيد..... راجعيلكم ...../.. وغيرها من العبارات التي تندرج تحت دلالات التهديد الدمث، والوعيد المهذّب، والتنديد بمنتهي اللباقة.وبين هذا وذاك دائما ثمّة أرقام حظ وأرقام حضّ للتواصل المحموم مع هذه القناة أو تلك والتي تملك حصرية الربح السريع والغني الفاحش والتأجيج المفتعل، ودائما المُشاهد يفي بالغرض ويتيح الرهان دون أي تردد من أصحاب التقليعات والاستثمارات المسعورة.الاعلامية "أوبرا وينفري " واحدة ممن تلقفهم الحظّ بعد طفولة تعيسة بذراعين مفتوحين علي اللانهاية، فما من سقف اعلامي يحدّ من طموح الشاشات التي تظهر أوبرا علي ها، وليست الولايات الأميركية وحدها المعنية بتظهير أوبرا تظهيرا اعلاميا مكرّسا باحكام اعلامي منقطع النظير، بل هناك الـ mbc تستكمل الدور علي أكمل وجه، اذ بين الاعلان عن وينفري هناك اعلان آخر داعم أو تذكيري أو تأكيدي أو رافد أو بديل عن الاعلان الذي سبقه عن وينفري، حتي أصبحت أوبرا حلم المشاهد وطموحه وأمله وسعيه وربما مستقبله أو قدره ان لم نغالِ بالقول، فما علي ك عزيزي المشاهد سوي الاتصال علي الرقم المخصص لبلدك، وربما يحالفك الحظ وتكون واحدا من أربع وتحصل علي فرصة عمرك بمشاهدة أوبرا عن قرب، وربما عن قرب جدا حيث تضع يدها علي كتفك ويكون لك شرف الشهقة والصرخة وحتي التصوير معها، يا لسعدك أيها المشاهد الكريم ويا لها من فرصة ماسيّة بامتياز، سارع للاتصال فالملايين سبقوك.همس صغيري بملاحظة استوقفتني مليا وربما كانت نواة لما ورد في السياق كاملا، أنا أحبّ فلانا أكثر من فلان، بدون مقدمات سألته: لمَ؟ أجاب: لأن فلانا يظهر علي الـtv أكثر من فلان، أردفتُ بالسؤال، وما أدراك أن فلانا أفضل من فلان؟ قال: لو لم يكن أفضل لما رأيناه باستمرار، أخبرته: الشاشة تعرض كل شيء، ذات اهتمام كان الحديث باستمرار عن "النعجة دولي" وربما كانت النعجة دولي حدثا علميا، ولكنها بالنهاية مجرد نعجة تحوّلت لنجمة، ونجومية دولي محت تفاصيل الحدث العلمي وشطبت أسماء كل العاملين علي ملفها العلمي من ألفه الي يائه، هو الاعلام الذي يصنّع النجومية اذا ونستوردها منه دون محاسبة أو تدقيق، ليصير بحكم الاعلان المتواصل هذا أفضل من ذاك، دون النظر الي الغايات الخفية والرهانات المقبوضة سلفا.

Azzaman International Newspaper - Issue 3228 - Date 26/2/2009جريدة (الزمان) الدولية - العدد 3228 - التاريخ 26/2/2009AZP20

ليست هناك تعليقات: