الاثنين، 16 فبراير 2009

فوارق المؤسسات الإعلامية



أغلق
اطبع


غادا فؤاد السمّان
"ضربتين على الرأس بتوجع" هكذا يقول المثل، ووداعان في مؤسسة إعلامية كالمؤسسة اللبنانية للإرسال l.b.c./ بغضون يوم واحد أو يومين، هو ليس بأمربسيط، فما إن انفضّ الاحتفاء الوداعي بالإعلامي السعودي "علي العلياني" معدّ ومقدّم برنامج المنوعات "عيشوا معنا" والحقّ يُقال إنّ شاشة الـl.b.c. قد أفسحت المجال واسعا وطليقا وعميقا وحرّا لحشد أكبر عدد ممكن من المشاركات التي أسهمت بالإدلاء بدلوها من كلّ حدبٍ وصوب عن تجربة علي العلياني الإعلامية، ولا أحد ينفي أو ينكر مَلُكات علي العلياني وثقته بنفسه وبحضوره التي كانت تتجلّى بوضوح على الشاشة من خلال الإطلالة اليومية، إلا أنّ توسيع دائرة الضوء وتخصيص الوقت اللائق بالوداع دون ريب يضاعف أسهم الإعلامي الخارج توّا من مؤسسة كـ L.b.c إلى أخرى أو حتى إلى العدم، ويتيح دون ريب له الفرصة بالبقاء طويلا على رصيد ذاك التكريس والتميز إلى وقت بعيد الأمد فعليا.
بالمقابل الإعلامية "مي شدياق " التي تقدّم "بكل جرأة" أسبوعيا على شاشة الـ L.b.c منذ عودتها "العجائبيّة" من دور النقاهة والتي خرجت شهيدة حيّة من براثن الموت رغم أنف القتلة، وأقول العجائبيّة بفضل الله وإيمانها وعناية القديس "مار شربل" كما تردد دائما ولا ريب أنها تردد ما هو حقّ وجليّ، وإذا كانت مي شدياق إعلامية تميّزت فلا ريب أنها إضافة إلى تميّزها الشخصي، وكفاءتها المهنية العالية التي اكتسبتها بالمؤسسة المذكورة، وحدّة قناعاتها ومواقفها اللافتة، فهناك مؤسسة تحترم موظفيها، وتعمل على تظهيرهم بالصورة اللائقة دائما، كما تعمل على تعزيز حضورهم كيفما استطاعت إلى ذلك سبيلا، إذ ثمّة هوامش عدّة لأنا الإعلامي، لـ"كيانيّته"، و"شخصانيّته"، وحضوره، وقناعاته، ومواقفه، وتوجّهاته، ونزعاته، ورغباته، فكما أعلنت ميّ شدياق برنامجها بكل جرأة على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال، وكان لديها الحيّز الأوسع لتعلن ما تودّ إعلانه، وتمرر من الرسائل ما تريد أن تمرره، هكذا كان الحال عند قرارها الانسحاب ليل "الثلاثاء" 3/2/ 2009 ، لم يكن وداعا بروتوكوليّا، بل وداعا يحمل في أعطافه رسائل عدّة، وغضبة عارمة، مما يدور في الكواليس ويُحيكه الزملاء، وكم هم متشابهون الزملاء في كلّ مكانٍ وزمانٍ ومؤسسات، ولا شكّ أنّ غياب ميّ عن الشاشة سيترك فراغا كبيرا كما تركت "جزيل خوري" قبلها، وإذا كانت التفاصيل الخفية تؤلم ميّ فلتواسي نفسها بالعنوان العريض، كونها عملتْ في مؤسسة حرصت على تكريس دورها الإعلامي وتظهيره دائما كما تحب ميّ وتتمناه، وتحضرني المفارقة هنا وقد عملتُ في مؤسسة إعلامية مصغّرة عن كلّ شيء واكتفيت باتّساع الأثير في إذاعة "صوت بيروت"، يقينا منّي أن الأثير أوسع من كلّ الإدارات والمباني والتجهيزات، ومع ذلك كان الأثير أضيق مما تخيّلت، وحيّز الأنا مصادر خارج الاستديو، وجملة القناعات الذاتية مشطوبة بالخطّ الأحمر العريض، والرقابة قائمة على كامل السياق وكلّ ما يرد فيه أو لم يرد ليندرج تحت طائلة النيّة المُضمرة أو المُبيّتة، وكان لزاما أن أجدَ راعياً لينقذ برنامجي "اختلاف" من الإيقاف وقد كبر رصيده بأسماء عريقة دخلت الاستديو الصغير جدا كِبْرا لدعوتي واحتراما، وإذا بالإدارة ترتئي إيقاف البرنامج لانعدام تأمين الدخل والموارد المادية التي لم أجد إلى توريدها للإذاعة سبيلا متسائلين في كلّ اجتماع أين هي علاقاتك؟ وفاتهم أنّ العلاقات الفكرية غير مثمرة على الإطلاق في زمننا الراهن، ولا مجال استثماري حيوي إلا للنفاق والتدليس والعلاقات المشبوهة، وبدون مقدمات وبدون وداع وبدون حق تسديد حلقة أخيرة تمّ قرار إيقاف البرنامج لأنها رغبة نائب المدير "الجديد"، الذي لم يجد وسيلة لإقناعي بالتصرّف معه بلباقة وبـ"أنوثة" كفيلة بتعويض السنتيمترات المتآكلة من قامته المحدودة. ولم أجد الأسلوب اللائق لمعالجة "البروستات" المتضخمة في ذهنه العليل بالسيادة والتسلّط. شأنه شأن الكثير الكثير من ذكور المرحلة العابرة بالتأكيد.


ليست هناك تعليقات: