الجمعة، 6 فبراير 2009

لعنة الأضداد في لغة الضاد



زمان جديد لعنة الأضداد في لغة الضاد غادا فؤاد السمّان منذ زمن بعيد لم أحرر كلمة واحدة عن الحب، فقد توقف قلبي عن الخفقان لأسباب أمنية وغير مستقرّة تسيطر علي أنحاء متعددة من كياننا العربي، وهكذا تبعته مخيلتي بالتعطيل الشامل لأمدٍ طويل غير مسمّي تماشيا مع ضراوة المشهد المأساوي المُتكرر، أحلامي المُصادرة أجيّر غُزاتها الي جميع جمعيات حقوق الانسان، وأحيلها الي هوامش نظرية "المؤامرة" وأعلن من منبري هذا أنه ثمّة تآمر علي حلمي، أعاث فيه المتآمرون، انقلابا رهيبا أو عطبا مقصودا أو خللا فادحا أو شللا عارما حتي صار كابوسا أرعن يراودني في اليقظة كما في الغفوة المزمنة حيث لا تتوفر لديه سوي مشاهد الفزع الرهيب، وعلي الأثر تضررت لغتي أضرارا فادحة أولي أعراضها التجفاف الحاد الذي استنزف حيويتها ورشاقتها وشبابها وحميميّتها، وأصبحت مفردتي طريحة المرحلة، تربض مع مثيلاتها في قاموسِ شؤمٍ انتقيته بعناية فائقة، بعدما غربلتُ عنه كامل الرماد الذي لم يرشح منه سوي السواد الأعظمي ليتلاءم مع لون الواقع المضمّخ بالعنف والمخضّب بالبشاعات، فمنذ العام 2005 والجسد العربي قيد التصفية، والدم العربي قربانا للأرصفة والاسفلت وعدسة المصورين وشاشات البثّ المحموم لرصد الفظائع بتقنيّات عالية، ونحن نقلّب أوجاعنا بدقّةٍ متناهيةٍ، نخرج من جحورنا بطيش علّ رصاصة طائشة تحصدنا، أو يداً آثمة تعدّ العدّة لبعثرتنا أشلاء متناثرة علي مفارق الطرق ومنعطفات الساسة الكرام، لنوفّر للذين يجتمعون المناسبة اللازمة كي يجتمعوا بفخرٍ باهظ لاحصاء موتاهم كل علي حده، فما من طمأنينة الا بموتنا المحقق، موتنا الفعلي بعيدا عن هذا الموت المتواصل، وهكذا يكون الخلاص والسلام الأكيد لراحتنا الأبديّة بدلا من السلام الموعود باتفاقيات ومعاهدات هزلية مدوّنة علي ورقة توت سرعان ما تتآكل عند أية ريح عاتية ولا يبق عاريا الا عورات الساسة الكرام ونفاقهم المتراكم، ونحن مجتهدون ومنهمكون في تطريز جملة مفيدة من الحماقات المكرّسة نمارسها بسذاجة تامّة ونحن نؤيد هذا ونبارك ذاك، ونهتف لأولئك، ونلعن هؤلاء، وقد غاب عن بداهيتنا نباهتهم جميعهم، وهم الذين اتفقوا علينا بمكر شديد وبأثمانٍ باهظة مُسبقة الدفع، تحت قبابٍ متشابهةٍ في الشكل والمضمون معا، فلا فرق بين قبّة برلمانية، أو قبّة هيكل أو قبّة محراب أو قبّة مغارة سريّة خافية عن الأنظار وعن الرأي العام، وشاهدة فقط علي حلكة القناعة المسكوبة من فوهّة ايديولوجيا بركانية خمدت ثورتها، لكنّ معالم الضباب الأسود تسكن جماجمهم الضيقة والمعتمة في آن.عبثا أتنصّل من فوضي الأفكار وغبار الأحداث المتراصّة بتشبّث رهيب، أنّي وجّهت حرفي ضاع في غياهب الوقائع، أني حوّلت حبري غاض علي أصابعي بالأحمر المُستوحي من مستنقعات الدمّ فيتخثّر الكلام وتجفّ العزيمة، وليس أمامنا سوي نافذة وحيدة نطلّ منها كل صباح وكل مساء وما بينهما علي فجائع جديدة، وليس أمامنا سوي أرقام تتوالي علي اثرها الأرقام، وهكذا يكبر الرصيد.. هو ليس رصيدا لأموال مكتسبة أو حتي منهوبة كما يفعل الدُهاة والأذكياء، هي أرصدة لأعداد الموتي التي دخلنا عدادهافي غيبوبة العد المتتالي بلا هوادة، نختلف علي التصنيف بين قتيل وشهيد، وكأنّ المعزّين الكرام يملكون وكالة عامة من العناية الالهية، تخوّلهم تحرير العناوين لفرز الظالم من المظلوم.كان في نيّتي أن أفتح شريانا جديدا لشعورٍ جميل يضخّ في قلبي معني ملائما للحب، وما ان هممت كي أفعل، حتي انقطع شريان البصيص الذي كان يمدّ روحي بقليل من الضوء المُتهالك بحجّة التقنينش.

ليست هناك تعليقات: